مركبة بحجم جرام.. باحث إيطالي يقترح استكشاف أسرار الزمكان
في فكرة تبدو وكأنها مقتبسة من فيلم الخيال العلمي الشهير Interstellar، يقترح عالم الفيزياء الفلكية وخبير الثقوب السوداء الإيطالي كوزيمو بامبي إرسال مركبة فضائية فائقة الصغر، لا يتجاوز وزنها مشبك ورق، لتسافر بسرعة تقترب من سرعة الضوء باتجاه أقرب ثقب أسود من الأرض، والهدف: استكشاف طبيعة المكان والزمان وقوانين الفيزياء في أقسى البيئات الكونية.
بامبي المولود في فلورنسا عام 1980، يشغل حاليًا منصب أستاذ الفيزياء بجامعة فودان في شنغهاي، ويُعد من أبرز الباحثين في النسبية العامة والثقوب السوداء والكونيات، وله أكثر من 100 دراسة في هذه المجالات، وقد نشر بحثه الأخير في دورية iScience، حيث وصفه خبراء بأنه بعيد المنال تقنيًا لكنه ليس مستحيلًا.
حدود المجال الضعيف والقوي في النسبية العامة
على مدى عقود اختبرت نظرية النسبية العامة لأينشتاين بدقة عالية في حد المجال الضعيف حيث تكون الجاذبية ضعيفة والانحناءات الزمكانية صغيرة، مثل حركة الكواكب والأقمار الصناعية، أما حد المجال القوي حيث تصبح الجاذبية شديدة ولا يمكن تبسيط معادلات أينشتاين، فلا يزال مجالًا غير مستكشف بشكل كامل، وتُعتبر الثقوب السوداء المختبر الأمثل لدراسته.
أقرب ثقب أسود مكتشف حالياً هو GAIA-BH1، على بُعد 1560 سنة ضوئية في كوكبة الحوّاء، لكن النماذج النظرية تشير إلى احتمال وجود ثقوب سوداء أقرب بكثير، ربما على مسافة 20–25 سنة ضوئية فقط.
رصد الثقوب السوداء القريبة
معظم الثقوب السوداء في مجرتنا منفردة، ما يجعل اكتشافها صعبًا، وتُستخدم حالياً تقنية عدسة الجاذبية الدقيقة، التي تعتمد على انحناء الضوء بفعل الجاذبية للكشف عنها، ومع تطور تقنيات الرصد الكهرومغناطيسي والموجات الجاذبية، قد يصبح من الممكن تحديد مواقع هذه الأجسام بدقة أكبر.
مركبة النانوكرافت والرحلة المستحيلة
المهمة المقترحة تعتمد على مركبة NanoCraft شريحة إلكترونية صغيرة مزودة بشراع ضوئي، تُدفع بواسطة شعاع ليزر ضخم من الأرض إلى سرعة تقترب من سرعة الضوء، بهذه الوتيرة يمكن الوصول إلى ثقب أسود يبعد 25 سنة ضوئية في حوالي 70 عامًا، مع إضافة 20 عاماً أخرى لعودة البيانات.
ثلاثة تحديات كبرى
- البنية التحتية والتقنيات: بناء مصفوفات ليزر هائلة وأشرعة تتحمل الإشعاع، وتطوير وسائل اتصال لمسافات شاسعة.
- تحديد الموقع والمدار: العثور على الثقب الأسود بدقة وإدخال المركبة في مسار مداري آمن حوله.
- تصغير الأدوات العلمية: تطوير أجهزة رصد وجمع بيانات متناهية الصغر لكنها فعّالة.
بامبي يعترف بأن التكلفة الحالية للمشروع قد تصل إلى تريليون يورو، وأن بعض التقنيات المطلوبة لم تُخترع بعد، لكنه يذكّر بأن اكتشاف موجات الجاذبية وتصوير ظل الثقب الأسود كانا في الماضي مجرد أحلام، قبل أن تتحول إلى إنجازات علمية حقيقية.




